قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر»
[رواه مسلم وغيره].
أخي المسلم: في مواصلة الصيام بعد رمضان فوائدعديدة،
يجد بركتها أولئك الصائمين لهذه الست من شوال.
وإليك هذه الفوائد أسوقها إليك من كلام الحافظ ابن رجب رحمه الله:
- إن صيام ستة أيام من شوال بعد رمضان يستكمل بها أجر صيام الدهر كله.
- إن صيام شوال وشعبان كصلاة السنن الرواتب قبل الصلاة المفروضة وبعدها،
فيكمل بذلك ما حصل في الفرض من خلل ونقص،
فإن الفرائض تكمّل بالنوافل يوم القيامة..
وأكثر الناس يوجد في صيامهم للفرض نقص وخلل،
فيحتاجون إلى ما يجبره من الأعمال.
- إن معاودة الصيام بعد صيام رمضان علامة على قبول صوم رمضان،
فإن الله تعالى إذا تقبل عمل عبد، وفقه لعمل صالح بعده،
كما قال بعضهم: " ثواب الحسنة الحسنة بعدها،
فمن عمل حسنة ثم أتبعها بحسنة بعدها،
كان ذلك علامة على قبول الحسنة الأولى،
كما أن من عمل حسنة ثم أتبعها بسيئة
كان ذلك علامة رد الحسنة وعدم قبولها ".
- إن صيام رمضان يوجب مغفرة ما تقدم من الذنوب،
كما سبق ذكره، وأن الصائمين لرمضان يوفون أجورهم في يوم الفطر،
وهو يوم الجوائز فيكون معاودة الصيام بعد الفطر شكراً لهذه النعمة،
فلا نعمة أعظم من مغفرة الذنوب،
كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم حتى تتورّم قدماه، فيقال له:
أتفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخّر؟!
فبقول: «أفلا أكون عبداً شكورا».
وقد أمر الله سبحانه وتعالى عباده بشكر نعمة صيام رمضان بإظهار ذكره،
وغير ذلك من أنواع شكره، فقال:
{وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}
[البقرة:185]
فمن جملة شكر العبد لربه على توفيقه لصيام رمضان،
وإعانته عليه، ومغفرة ذنوبه أن يصوم له شكراً عقيب ذلك.
كان بعض السلف إذا وفق لقيام ليلة من الليالي أصبح في نهارها صائماً،
ويجعل صيامه شكراً للتوفيق للقيام.
وكان وهيب بن الورد يسأل عن ثواب شيء من الأعمال كالطواف ونحوه، فيقول:
" لا تسألوا عن ثوابه، ولكن سلوا ما الذي على من وفق لهذا العمل من الشكر،
للتوفيق والإعانة عليه ".
كل نعمة على العبد من الله في دين أو دنيا يحتاج إلى شكر عليها،
ثم التوفيق للشكر عليها نعمة أخرى تحتاج إلى شكر ثان،
ثم التوفيق للشكر الثاني نعمة أخرى يحتاج إلى شكر آخر،
وهكذا أبداً فلا يقدر العباد على القيام بشكر النعم.
وحقيقة الشكر الاعتراف بالعجز عن الشكر.
إن الأعمال التي كان العبد يتقرب يها إلى ربه في شهر رمضان
لا تنقطع بإنقضاء رمضان
بل هي باقية بعد انقضائه ما دام العبد حياً..
كان النبي صلى الله عليه وسلم عمله ديمة..
وسئلت عائشة - رضي الله عنها -:
هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يخص يوماً من الأيام؟
فقالت: " لا كان عمله ديمة.
وقالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يزيد في رمضان
و لا غيره على إحدى عشرة ركعة،
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقضي ما فاته من أوراده في رمضان في شوال،
فترك في عام اعتكاف العشر الأواخر من رمضان،
ثم قضاه في شوال، فاعتكف العشر الأول منه ".
فتاوى تتعلق بالست من شوال
سئل سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله:
هل صيام الأيام الستة تلزم بعد شهر رمضان عقب يوم العيد مباشرة،
أو يجوز بعد العيد بعدة أيام متتالية في شهر شوال أو لا؟
الجواب: " لا يلزمه أن يصومها بعد عيد الفطر مباشرة،
بل يجوز أن يبدأ صومها بعد العيد بيوم أو أيام،
وأن يصومها متتالية أو متفرقة في شهر شوال حسب ما تيسر له،
والأمر في ذلك واسع، وليست فريضة بل هي سنة ".